الحكم ضد الرحماني بثلاث سنوات سجنا يكرّس العدالة الانتقامية ويقوّض استقلال القضاء

تونس، 30 أفريل (نيسان) 2025 – قضت الدائرة الجناحية السادسة لدى المحكمة الابتدائية بتونس، يوم الأربعاء، بالسجن لمدة ثلاث سنوات ضد القاضي المعفى حمادي الرحماني، وذلك على خلفية خمس قضايا تعلقت بتهم “الإساءة إلى الغير عبر مواقع التواصل الاجتماعي”. وقد صدر الحكم بستة أشهر عن كل قضية، في سياق يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره تصعيدًا جديدًا في ملاحقة القضاة الذين عبّروا عن مواقف منتقدة للسلطة.
ويُشار إلى أن القاضي الرحماني كان قد أُوقف في ديسمبر 2024 إثر مداهمة نفذتها فرقة أمنية، رافقتها انتهاكات جسيمة شملت الاعتداء على أفراد أسرته داخل المنزل. وقد تم الاحتفاظ به حينها قبل أن يُحال بحالة سراح على أنظار المحكمة.
ورغم أن القضايا المرفوعة ضده تتصل بمواقف عبّر عنها في تدوينات ومداخلات عامة، فقد تم التعامل معها عبر بوابة العقوبات الجزائية، دون مراعاة لحصانته القضائية أو طبيعة المضمون المنتقد للسلطة.
منظمة أوفياء : الحكم انتقامي ويقوّض استقلال القضاء
تعبر منظمة أوفياء عن إدانتها الشديدة للحكم الصادر ضد القاضي حمادي الرحماني، وتعتبره انتكاسة خطيرة لمبدأ استقلال القضاء، وخطوة إضافية في مسار تجريم التعبير داخل المؤسسة القضائية.
وتؤكد المنظمة أن:
-
تتبّع قاضٍ بسبب مواقفه وآرائه في قضايا الشأن العام يمثل انزلاقًا خطيرًا في وظائف العدالة.
-
هذا الحكم لا يمكن فصله عن القرار الرئاسي السابق بعزل عشرات القضاة خارج الأطر الدستورية، والذي رفضت وزارة العدل لاحقًا تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية القاضية بإبطاله.
-
إحالة الرحماني على محكمة جناحية بعد استهدافه بشكل مباشر من السلطة يمثل استمرارا لنهج تصفية حسابات مع القضاة المستقلين.
ويدعو مرصد الحرية لتونس إلى:
-
وقف جميع الملاحقات ضد القضاة بسبب آرائهم أو مواقفهم من أداء السلطة؛
-
احترام قرارات المحكمة الإدارية وإعادة الاعتبار للقضاة المعفيين دون وجه قانوني؛
-
إنهاء حالة الاستثناء الدائمة التي يُدار بها الملف القضائي في تونس، وضمان العودة إلى الضمانات الدستورية لاستقلال القضاء.
يُعدّ الحكم الصادر تتويجًا لمسار من الانتهاكات التي طالت المؤسسة القضائية منذ 2022، ويدق ناقوس الخطر بشأن تحول القضاء من سلطة مستقلة إلى أداة للردع السياسي.