منظمة أوفياء تقف ضد كل محاولات المس من هيبة الثورة وحرمة الشهداء

بيان: موقف عائلات شهداء الثورة من تصحيح المسار

 منذ 25 جويلية، تاريخ الإجراءات الاستثنائية القاضية بتفعيل الفصل 80 من الدستور وتجميد البرلمان كنا نتابع ، نحن كعائلات شهداء الثورة، الوضع على أمل أن يتم محاسبة كل من أجرم في حق تونس و تفكيك منظومة الفساد والإجرام. 


وقد فتحت هذه الإجراءات الباب أمام الضغوطات الداخلية وخاصة الخارجية وأفضت إلى الإعلان عن خارطة طريق لإنهاء “الإجراءات الاستثنائية” التي أقال بموجبها الحكومة وجمد أعمال مجلس النواب، حيث أعلن الرئيس  قيس سعيّد عن تنظيم استفتاء وطني حول إصلاحات دستورية في 25 جويلية المقبل بالإضافة إلى إجراء انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022. كما كشف عن تنظيم مشاورات “شعبية” عبر الإنترنت بداية من جانفي القادم بشأن الإصلاحات التي يجب إدخالها على النظام السياسي القائم بالبلاد.

كل هذه القرارات ولم يقع حتى  إستشارة من قدموا أبنائهم وفلذات أكبادهم ، وعليه ، نعلم الرئيس قيس سعيّد مايلي :

أولا: عائلات الشهداء وذويهم المجتمعين اليوم يعبرون عن رفضهم القطعي لما وصلت إليه تونس خاصة بعد أن إتخذنا قرارا بعدم التسرّع والحكم على تفعيل الفصل 80 وتجميد المجلس لأننا كنا نظن أن الرئيس الذي يرفع شعار الثورة والشهداء سوف يكون وفيا لأهداف الثورة ولا يدخل البلاد إتّضحت الصورة وأصبح القرار أحادي  

آثرنا التريّث وإنتظار تصحيح المسار الذي ناقشناه تحدثنا فيه ساءا مع سعيّد قبل ان يصبح رئيس أو بعد لقاءه مرة واحدة بعد موت الجريح طارق الدزيري لكن ماراعنا ، بعد قرابة خمسة أشهر ونصف إلا أن اصبح كل من صافح أو جالس الرئيس ينظر لتصحيح مسار الثورة حتى أصبحنا نرى الأزلام وأعداء الثورة متزعمين المشهد.

صورة سريالية، أقرب للخيال، لذلك لم يعد للصمت الصبر معنى ، إجتمعنا اليوم لنعلن للرأي العام خاصة لقيس سعيد مايلي :

اولا نذكر ان الشهيد بالنسبة لنا هو تاج فخرعلى رؤوس الشرفاء و سيبقى عنوان مشترك يحمله كل من كان وفيا قلبا وقالبا للثورة  لكن أن نصل إلى محاولة تغيير نظام سياسي تحت شعار الثورة فهذا يجعل منا شهود زور ويستحيل أن نلعب هذا الدور السلبي .

عائلات الشهداء هم أول من رفض المحاكمات العسكرية ، وهم أول من إعتصم لإطلاق سراح شباب الثورة القابع بالسجون وهم أول من تظاهر للوقوف في التجمع والازلام

عائلات الشهداء رابطوا وإعتصموا لأجل قانون العدالة الانتقالية وتعالت شهاداتهم لنقل الوقائع وحقيقة ماحدث إبان الثورة من خلال الجلسات العلنية

عائلات الشهداء لم يقدموا مصالحهم الشخصية على مصلحة تونس بل صبروا و عملوا على إصلاح القضاء ٍوإستقلاله ولم يكونوا ممن يتشفى أو ينتقم شعارهم في ذلك ” دولة القانون والمؤسسات ” التي كانت تطلق زيفا على دولة حكم المخلوع.

عائلات الشهداء هي التي آمنت ان قيس سعيد يمكنه تحقيق وصية الشهداء وهو أقرب المتابعين لنضالات ذويهم وهو الذي واكب مهزلة المحكمة العسكرية وإعتصام المجلس التأسيسي وكل الوقفات المنادية بالحقوق

لكن بريق الشعارات لا يحجب عنا  قبح الواقع

ظنا منا ان تصحيح المسار سيبدأ بتوحيد المقامات وبمحاسبة كل من لا يعترف بشرعية الثورة وكل الترذيل الذي قامت به سليلة الأزلام

كنا نظن أنا تصحيح المسار هو تفعيل عمل الدوائر الجنائية المتخصصة وتفعيل بطاقات الجلب لمدانين ومحاكمة من كان سببا في بؤس التونسيين قبل الثورة بالأساس

الثورة لمن نسي هي حق مقدّس، مقدّس بحرارة الدماء الزكية لذلك فنحن نرفض أن تعطى لغير من يستحقها حتى من جهة الإحتفال بها ، لم نرضى ولن نرضى بأن تسجّل ذكرى الثورة كعيد فلكلوري يستجوف منه كل معنى ويستبعد كل معاني الوطنية والاخلاص.

في هذه الذكرى الخالدة نبعث بهذه الرسائل لمن يهمّهم الأمر وهم :

  • إلى الشعب التونسي من شماله إلى جنوبه ، من بالخضراء ومن خارجها فلتعلم أيها الشعب العظيم  و لتفتخر أن كل الولايات التونسية سجلت (وذلك حسب تقارير وزارة داخلية المخلوع) تحركات شعبية وطلابية وتلمذية وشغاليّة من كل فئات وأصناف المجتمع …نعم إنك شعب حرّ فلا تبالي بكل أكاذيبهم فكل تونس ثارت في وجه قاتل أبنائها وكل ولايات وطني شامخة تأبى الخنوع.

 هذا الشعب الوفيّ الذي طاله الشتم والحقد من خونة الداخل وأعداء الخارج نقول له كل عام وأنتم أحرار، إنكم في حضرة أعظم يوم في تاريخ  تونس ،إنه يوم إنتصار 27 يوم من كفاح سلمي لشعب عظيم أمام آلة قتل يائسة وألة دعاية مقيتة.

لك الحقّ اليوم أيها الشعب التونسي العظيم أن ترفع رأسك فقد صدرت إلى العالم حلم الحرية الذي أصبح حقيقة في زمن طغى فيه اليأس والتسليم بالخوف ، لكننا لسنا ممن يدافع على قضايا التحرر وحق الشعوب في تقرير مصيرها ويخذل بعضها تحت مسميات واهية ، الحرية للشعب السوري من الإحتلال الروسي والإيراني والحرية للشعب اليمني من التدخل السعودي والإماراتي والحرية للشعب المصري من إستبداد العسكر والحرية للشعب الليبي في تقرير مصيره بدون تدخل خارجي والحرية للشعب اللبناني من حكم المحاصصة والفساد والحرية لكل شعوب الأرض وأولهم الشعب الفلسطيني المقاوم.

لك أيضا كل الشكر لإخلاصك لروح الثورة بعد أن برهنت بإنتخابك لرئيس يؤمن بالثورة وأهدافها بأنك لست خائنا بل أن القوس الذي فتحه لصوص الثورات أغلقته وقطعت آمالهم ذات 13 أكتوبر 2019

  • إلى الإعلام : ألم يحن لك أن تتوب عمّا تأتيه ؟

فتحت عناوين الصراع الحزبي والخوف على تونس لازلنا نشاهد محاولات إعلام لم يرض لنفسه سوى العار وتشتيت إنتباه شعب ثائر يتوق للتغيير والإنطلاق.

للأسف إعلامنا بقي متخلف على اللحظة والزمن والتاريخ وهو الذي بكل معاني التناقض  يلتجؤ تحت خيمة الثورة لمواجهة رياح التسلّط وأحيانا يقتات من حريات الثورة ليكيل الشتائم  لمن أهدوها له .

كل أساليب العداء جربتموها فمن التقزيم إلى السخرية إلى التشكيك إلى محاولة الفتنة.

يقول الكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هيغو ” الثورة الفرنسية هي أعظم فعل بشري منذ ميلاد المسيح..” فلماذا عندما نتوق لمبادئ الإنسانية السامية نجدكم تنتقصون من قدرتنا على الحياة بكرامة وحرية ؟

من حق الشعب التونسي أن يرى قنوات عالمية تونسية لا تسوّق للإبتذال وتنشر المواضيع الجانبية ، من حقه أن يرى مصالحة الإعلام مع تاريخ لازال للأسف يمقته في نبرات تقاريره كلما سنحت له الفرصة

  • إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد: من أقدار تونس تزامن الذكرى التاسعة لانتصار الثورة وهروب المخلوع مع إختيارك لرئيس الحكومة بعد فشل البرلمان في ذلك.
    كل الشعب التونسي ينتظر هدية الذكرى التاسعة لانتصار الثورة وما أجمل الاقدار حينما تتماهى مع “الشعب يريد”
    فالشعب سيدي الرئيس يريد : حكومة منحازة لاستحقاقات الثورة وتقطع مع الفساد والفاسدين.
    الشعب يريد القطع مع منظومة التردد والتخاذل ، يريد القطع مع حالة سياسية عامة أصبحت أقرب للسخرية واللامبالاة .
    لا نشك لحظة سيدي الرئيس انك حريص على زرع الأمل وإعادة الإعتزاز بثورة ألهمت العالم وقطعت مع السرقة والنهب والخيانة والعمالة والتعذيب والاضطهاد والتخلّف .
    فأمام تكالب أشباه الساسة على المناصب ونفاق بعض النخب السياسية ومتاجرتهم بالثورة وخاصة بعد أن سقطت آخر أوراق التوت عن أحزاب تحسب على الصف الوطني وبان زيف وعودها الإنتخابية لم يبق لنا إلا القليل من الصبر
    سيّدي الرئيس تعلم علم اليقين أنه لا يمكن الوقوف أمام شعب يريد ، لذا لا تبال بالمثبطين والمتخاذلين والكذابين فلا اللحظة تحتمل التأخير ولا الشعب ينتظر غير قرار تاريخي منك .
    شرعيتك الانتخابية ومشروعيتك المؤمنة بالثورة هي خير حزام لأي قرار تتخذه يقطع مع رداءة مسقطة إسقاطا على تونس الثورة ، تونس الحرية ، تونس الكرامة .
    توكّل على الله وضع الرجل المناسب في المكان المناسب دون مبالاة لاي تأثيرات و ضغوطات وضع نصب عينيك دماء الشهداء وتضحيات الجرحى الذين تعلم عنهم مالا يعلمه غيرك.
  • إلى الأحزاب السياسية : التي نراها إستنفذت كل طاقاتها في الإنتخابات الأخيرة وأفتضحت حيلها في كسب ثقة الشعب، نقول لهم إن تضحية ووعي الشعب التونسي لايستحق مانراه يوميا

فهذا الشعب الذي منح الثقة في أحزاب تدّعي الثورية فقد منحها عن حسن نيّة في اقوالكم وهو ينتظر تحويلها إلى أفعال

برغم تجاوزنا لأخطاء عديد الأحزاب إلا أن المشهد السياسي عمقتم ترذيله بأنانية بعضكم وتبعية الآخر ، الشعب التونسي لايستحق هكذا مشهد بل هو ينتظر أحزاب وطنية قولا وفعلا وليس ” وطنية ” زائفة بلا معنى بل هي أقرب لوطنية الدولة العميقة التي تتحاشى النظر في عيني مستعمرها ومخرب تاريخها ومعطّل تقدّمها .

أخيرا وليس آخرا لقد حاولوا دفننا منذ تسع سنوات لكنهم لم يعلموا أننا بذور هذه الثورة، وكم من ثورة مضادة ترتكب باسمك أيتها الثورة الشامخة لكننا نقول لكم أن ثورتنا روح والروح لا تموت ، ثورتنا تملكت العقول والقلوب فقد أصبحت عناوين قصائد وملهمة الشعراء ومعلمة أزلام النظام البائد في فنون التظاهر والمعارضة وأهازيج الملاعب لملايين الشباب  ثورتنا لاتحكم بل أصبحت هي الوطن والدولة والهوية والتاريخ .

الثورات لاتقاس بالزمن ولا بالنجاح والفشل لأن الثورة تفسد إذا نجحت، وثورتنا لا تزال تهيؤ القلوب والعقول لأن أهدافها غالية وأرقى وأقوى من كل مؤامراتكم .

الخلود للشهداء

المجد للجرحى وأبطال الثورة

والفخر لأمهات وعائلات من ضحوا بأنفسهم لنصبح أحرار.

رئيسة منظمة أوفياء.

   الأستاذة لميــــــاء الفرحاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى